كتب انطوان الحايك
انه الشعب العظيم . شعب لبنان الاسير الراضخ لارادة الفساد ومنظومته . انه شعب لبنان الساكت على الظلم . والساكت على الظلم شيطان اخرس .
انه الشعب الذي يشكو من الكهرباء والماء وارتفاع الاسعار وعدم انتظام الحياة السياسية والاقتصادية وهما يمكلان بعضهما البعض ، ومع ذلك يركن الى زعيمه ومرجعيته الحزبية او السياسية وهو يعرف سلفا انها نفسها من حرمته الحياة الكريمة .
انه الشعب الساكت على لقمة عيشه المغمسة بالعرق والدم ، ومع ذلك فهو يقبل بان تشن حملة ما على كل شيء في الوجود ما عدا زعيمه المنزه عن العيب والجالس في برجه العاجي غير آبه لما تتعرض له قواعده الشعبية من ظلم وتعتير وفقر وجوع .
انه الشعب الذي يستغرق وصوله من منزله الى مركز عمله . هذا ان وجد . ساعات طويلة محشورا في زحمة سير غير مبررة ومع ذلك يعتذر من زعيمه على ازعاج موكبه المبجل .
انه الشعب الذي يسهر على ضوء الشموع . طبعا ليس لانه مع حبيب او خليل ، بل لانه راضخ لارادة اصحاب المولدات من دون حسيب ولا رقيب . ومع ذلك يشكر ربه على نعمة الكهرباء لمدة ست ساعات او اكثر بقليل .
انه الشعب الذي يقبل بالذل والهوان اليومي ، ويسكت على جوعه وعطشه وذلك ارضاء للزعيم الذي ورث زعامته ابا عن جد . ومع ذلك فهو فخور برضوخه للزعيم او المرجعية ومن لف لفها .
انه الشعب العظيم الذي ينزل الى الشارع لاستقبال الزعيم ويصفق له ويرفض في الوقت عينه النزول الى الشارع نفسه للتعبير عن استيائه من وضعه الاقتصادي ، التزاما منه برغبة مبيتة من ذلك الزعيم العظيم .
انه الشعب الذي يدفع فواتير الزعيم المعنوية بالرغم من افلاسه . ومع ذلك ينحني احتراما له ولامثاله من مخترعي منظومة الفساد .
انه الشعب الذي يتغنى بالحرية وهو اسير افلاسه السياسي والمادي والاجتماعي .
انه الشعب الذي يتهافت على ابوب السفارات طلبا للهجرة والحياة الكريمة ويرفض في الوقت عينه الوقوف امام باب المسؤول للمطالبة بالحد الادنى من حقوقه .
انه الشعب الذي يقتني افخر السيارات ويستخدم ارقى انواع الهواتف النقالة ومع ذلك يلجأ الى ال MIISED CALL لعدم توافر الوحدات اللازمة لاتمام الاتصال .
انه الشعب الذي يستسهل الحلول فيرضخ لمشيئة اصحاب المولدات بدل النزول الى الشارع ومطالبة دولته بتأمين هذه الخدمة . انه الشعب الذي يستسهل طلب ملء خزان الماء بواسطة الصهريج ويرفض مطالبة دولته بتأمين هذه الخدمة الحياتية .
انه الشعب نفسه الذي يجتر زعاماته ويرفض محاولة التغيير وان كان هذا التغيير يحمل له المزيد من الرخاء .
انه شعب العالم الثالث الذي يتغنى بالحرية وهو يعيش العبودية اليومية .
عذرا من الشعب ومن الزعيم . فالثاني نتاج الاول . والاول ضحية الثاني .